Saturday, November 18, 2006

سلطان الظلام

استعرت عنوان كتاب توفيق الحكيم الذي كتبه ليؤكد لصديق له اراد ان يجامله فهاجم اخرين كانوا يهاجمون توفيق نفسه في كتابات معينة فما كان من توفيق الحكيم الا ان سأل صديقه هل قرأت ما كتبته فاستنكر الصديق واكد علي توفيق انه سيدافع عنه مهما كان ما سيكتبه فبادره الحكيم برفض هذه الفكرة من اصلها وان من يفعل هذا ينشر الظلام لانه لا يدافع عن الفكر انما عن اصدقائه واقاربه وعشيرته ..الخ
الحقيقة اننا اليوم في كثير من تصرفاتنا نقوي سلطان الظلام .. ظلام العقول والقلوب نشجع الجهل وعدم البحث والمعرفة. نستسهل الحصول علي المعلومة من صديق ونتحمس للدفاع عنها بلا هوادة بينما هي اصلا معلومة مغلوطة
منذ زمن بعيد قرر الفيفا اعادة مباراة مصر وزيمبابوي في فرنسا لان قلة مندسة وسط الجمهور المصري الحبيب فتحت دماغ مدرب زيمبابوي بالطوبة الشهيرة وفي عشية تلك المباراة كنت اجلس في سيارتي بجانب قهوة في انتظار نزول احد الاصدقاء من منزلة فسمعت بالصدفة الحديث الدائر بين اربعة اشخاص يقوده احدهم وهو ينفث دخان الشيشة ويدعي العلم ببواطن الامور ويقول لهم
المعلم : الجوهري بكرة نازل بتشيكتشيك جماهيرى في فرنسا
رجل1 : ياه ازاي
المعلم : حيخلي الفريق المصري يلبس الوان علم فرنسا
رجل 2 : وليه يعمل كده
المعلم : عشان يكسب تشعاطف الجماهير الفرنساوية
رجل 3 : ياه ده تفكير غميق قوي
المعلم : وكمان قبل الماتش الفريق المصري حيلف الملعب بصورة المعلم بلاتيني نني عين جمهور فرنسا
رجل 1 : نبقي كده ضمنا الجمهور
ونزل صديقي ومشيت والحديث ياخذ مجري الكلام عن الانتصار المتوقع بعد التشجيع الفرنسي الجنوني لمصر. طبعا اخدنا علي قفانا تاني يوم وماعرفش المعلم قعد يقول ايه لاصحابه علي القهوة . وانا بتفرج علي الماتش ماكانش فيه جمهور اصلا غالبا المعلم بني نظريته علي اساس ان الفرنساويين مقاطيع زيينا وماوراهمش شغله غير الكرة.
الملفت للنظر في القصة استعداد البشر لتصديق معلومة لو فكر فيها شوية مش ممكن يصدقها ..علم فرنسا ايه اللي حيلبسه المنتخب المصري وبعدين جاب منين الثقة اللي بيتكلم بيها هل هو مستشار للجوهري مثلا او قريبه حتي عشان يبقي بيتكلم كده وبعدين كل اصحابه صدقوه وخلاص ويمكن يكونوا نشروا الكلام الاهبل ده في ليلتها كمان
اعتقد ان الانسان يجب ان يتحري الدقة فيما يسمعه وينقله حتي عن اقرب اقربائه فاعمال العقل هو السبيل الوحيد للتغلب علي سلطان الظلام